ما زاللت تفاعلات قضية الزيدي على حالها خصوصا مع مأساة غزة التي أبعدت هذه القضية عن الاضواء طوال فترة الحرب الهمجية.
منتظر الزيدي يقبع اليوم في السجن و ينتظر محاكمته التي تبدأ الشهر المقبل. أما شقيقه عدي، فبدأ جولة عربية تهدف إلى تفعيل قضيّة مراسل «البغدادية» الذي رمى حذاءه في وجه بوش.
هل ما زلتم تذكرون منتظر الزيدي الذي طبعت صورته نهايات عام 2008؟ بالطبع، جاء هول العدوان الإسرائيلي على غزة ليصرف الأنظار عن قضية هذا الصحافي العراقي الذي رمى حذاءه بوجه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش خلال مؤتمر صحافي وداعي أقامه في بغداد في 14 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. هكذا، كانت النتيجة اعتقال مراسل قناة «البغدادية» بتهمة «الاعتداء على رئيس دولة أجنبية» وما زالت محاكمته مرجأة حتى أجل غير مسمّى.
عدي الزيدي الشقيق الأكبر لمنتظر بدأ جولة عربيةً لتحريك ملف أخيه، شملت قطر والإمارات والأردن وصولاً إلى سوريا على أن يتوجّه بعدها إلى لبنان ومصر وليبيا، وخصوصاً أنّه يؤمن بقدرة الإعلام اللبناني على مساعدتِه في تفعيل ملفّ أخيه.
خلال هذه الجولة، لم يفوّت عدي فرصةً للتضامن مع غزة: شارك في التظاهرات أمام السفارة الإسرائيلية في عمان، وسيرسل قريباً قافلة مساعدات باسم منتظر إلى غزة بالتعاون مع جهات عراقية وفلسطينية. كما شارك في المهرجان الذي نظّمته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في دمشق في ذكرى انطلاقتها ومرور عام على رحيل جورج حبش.
لا ينفي عدي ـــ المصوّر الصحافي والموظف في وزارة الثقافة العراقية ـــ الصعوبات التي واجهته للقيام بجولته، وخصوصاً أنّه تحمّل أعباءها الماديّة وحده: «بعت بيتي وسيارتي وذهب زوجتي، رغم أنّ كثيرين في العراق وخارجه عرضوا عليّ المساعدة».
يتذكّر الشقيق الأكبر الزيارة الوحيدة لسجن شقيقه التي قام بها في 20 الشهر الماضي، «تعرّض للتعذيب وقد اقتُلعت إحدى أسنانه وبدت آثار الرضوض على جسده، وكان يعاني نزفاً داخلياً في عينه اليسرى. كما تعرّض للصعق بالكهرباء، لكنّ معنوياته عالية، وخصوصاً حين أخبرته برد فعل الشارع العراقي والعربي». إلّا أنّ العائلة مُنعت لاحقاً من الزيارات «بعدما فضحتُ في الإعلام حجم التعذيب الذي تعرّض له أخي».
قانونياً، يبدو وضع منتظر معقّداً. «الحرس الشخصي لرئيس الوزراء نوري المالكي اعتقل أخي، ثم أحيل على القضاء، ويريدون محاكمته وفقاً للمادة 223 التي تنصّ على أن عقوبة «الاعتداء على رئيس دولة» تبلغ بين 7 أعوام و15 عاماً من السجن». إلا أنّ فريق الدفاع المكوّن من 200 محامٍ تطوّعوا برئاسة ضياء السعيدي نقيب المحامين العراقيين، يملك وجهة نظر أخرى. إذ يعمل على أن تجري المحاكمة وفق المادة 227 التي تقضي بأنّ إهانة رئيس دولة تبلغ عقوبتها 6 أشهر من السجن مع وقف التنفيذ ودفع غرامة قدرها 200 دينار عراقي (40 سنتاً). ويُتوقّع أن تبدأ جلسات المحاكمة مطلع الشهر المقبل ـــ أي بعد الانتخابات ـــ بعدما تأجّلت بانتظار شفاء منتظر.
لكن من هو منتظر الزيدي؟ ما هي خلفيّاته السياسية والعائلية؟ ولماذا أقدم على رمي حذائه في وجه بوش؟ أسئلة كثيرة يجيب عنها عدي: منتظر ابن عائلة بسيطة من أم وأب متوفيين، وأشقاء يعمل معظمهم في الحقل الإعلامي «وهو يسكن في المبنى نفسه الذي أعيش فيه مع عائلتي» يقول عدي، مؤكداً أنّ شقيقه «هادئ ومسالم لا ينتمي إلى أي تيار سياسي. هو وطني عراقي وعلماني».
يستعيد عدي تفاصيل الليلة التي رمى فيها شقيقه حذاءه في وجه بوش، «قابلته قبل توجهه إلى المؤتمر الصحافي. وبعد ساعتين، اتّصلَ بي أحد زملائه ليبلغني بما فعل. لم أصدق إلى أن شاهدته على التلفزيون. شعرتُ بفرح ممزوج بالخوف وأنا أراه يُضرب بطريقة عنيفة».
لم يتأثّر عدي بالضربات التي تلقّاها شقيقه من رجل الأمن بقدر ما شعر بالأسف حين رأى أنّ أول مَن ضربه كان زميلاً له في قناة «كردستان»: «زملاؤه في «البغدادية» تعرّضوا أيضاً للاعتداء حين حاولوا حمايته». ويكمل عدي الجزء الخفي من القضية. ذلك الجزء الذي لم يره المشاهد حين أخذوا منتظر إلى باحة قريبة وانهالوا عليه بقضيب حديدي، على بعد 20 متراً عن السفارة الأميركية. بعد ذلك، نُقل الشاب إلى أحد القصور الرئاسية المهدّمة، حيث تمت تعريته وسُكب عليه الماء في الجو البارد، كما تعرّض للضرب بالكابلات «أُرغم على الاعتراف بأنه مرسلٌ من جهة معينّة وذلك لإطلاق سراحه» يشرح عدي.
في تلك الليلة، جمع عدي أفراد العائلة وأبلغهم بأنّ أحداً منها لن يعتذر أو يستجدي العطف من أيٍّ كان. إذ يرى أنّ العالم العربي مسؤول عن مساعدة أخيه «منتظر أمانة في أعناق هذه الأمّة. عليهم أن ينقذوه ويردّوا دينه، فهو الذي أعاد الكرامة إليهم... أخي ليس بطلاً في أحد الأفلام العربية» يقول عدي، الذي يرى أنّ أخاه هدّم حاجز الخوف عند العراقيين والعرب من سلطات الاحتلال «لقد كان يقول دائماً إنّه سيأتي يوم يهين فيه الإدارة الأميركية... وقد حقّق ذلك فعلاً».
0 التعاليق:
إرسال تعليق