مصالح تل أبيب من العدوان الحالي تقاطعت مع مصالح أنظمة عربية

اعتبر الباحث الأكاديمي الألماني البارز البروفيسور أودو شتاين باخ أن الحرب الدائرة في قطاع غزة والحرب الأخيرة على لبنان أظهرتا أن أمن إسرائيل بات هشا بفعل صواريخ حركات المقاومة بالمنطقة, مؤكدا أن مصالح تل أبيب من العدوان الحالي تقاطعت مع مصالح أنظمة عربية.

وقال شتاين باخ في حوار مع الجزيرة نت إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان "دمية تلاعب بها الإسرائيليون والأميركيون ولم يحقق أي إنجاز لشعبه، والهجمات الإسرائيلية على غزة أظهرت عجزه التام وانتقال زمام المبادرة الفعلية إلى الفلسطينيين في شوارع الضفة الغربية الخاضعة لإسرائيل وسلطة عباس".

ورأى أن الفلسطينيين في حاجة الآن لقيادة شابة نشطة قادرة على توظيف الزخم الراهن في التعامل مع إسرائيل ووضعها تحت ضغوط هائلة تؤدي في النهاية لإنجاز تسوية حقيقية.

ونفى شتاين باخ حدوث أي مفاوضات سلام جدية حتى الآن بين الفلسطينيين وإسرائيل، ووصف ما جرى في مؤتمر أنابوليس بأنه أستعراض أميركي هدفه إقامة حلف إسرائيلي عربي ضد إيران.

تقاطع مصلحة

وأكد شتاين باخ -الذي ترأس حتى عام 2007 المعهد الألماني للدراسات الشرقية القريب من دوائر صنع القرار- أن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة تم بموافقة ضمنية مصرية.

وقال لا يستطيع أحد إقناعنا بأن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني لم تتحدث مع المصريين في هذا الأمر أثناء زيارتها القاهرة قبل ساعات من بدء الهجوم.

وأضاف لقد كشفت الحرب الجارية في غزة عن تقاطع مصلحة إسرائيل والأنظمة العربية المسماة "معتدلة" في التخلص من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد تحول الأخيرة لشوكة في أعين الطرفين حيث أنها تجسد فكرة المقاومة المسلحة من أجل تحرير فلسطين.

وأوضح شتاين باخ أن "نجاح حماس كمنظمة سياسية وعسكرية في تعبئة وتحريك الشارع العربي خلفها الآن, زاد الضغوط الواقعة على الأنظمة المعتدلة التي باتت منزعجة من الحركة وتعتبرها مسؤولة عن إظهارها عاجزة وتوسيع الهوة بينها وبين شعوبها".

ونوه الأكاديمي الألماني البارز إلى أن حربي إسرائيل -الأخيرة بلبنان والحالية في غزة- كرستا دور الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى كمصدر تهديد جديد وخطير لأمن الدولة العبرية.

واعتبر أن مرونة هذه الصواريخ في الإطلاق والحركة يفرض على من يتحدثون عن أمن إسرائيل إدراك أن الخطر المحدق بها -بفعل التطور التسليحي- سيأخذ في التعاظم إن لم تقبل اليوم قبل الغد بقيام دولة فلسطينية إلى جوارها.

الجزيرة وسقوط الغرب

وحول تأثير الحرب الدائرة في غزة على مصر المجاورة, توقع أودو شتاين باخ أن تسهم هذه الحرب في تفاقم الغليان الشعبي داخل مصر ووصوله بسرعة إلى مرحلة الانفجار.

وقال بهذا الصدد إن "استمرار تساقط المزيد من الضحايا الفلسطينيين في غزة سيفاقم الضغوط الواقعة على نظام الرئيس المصري حسني مبارك الذي وصل إلى نهايته بعد أن أوصل بلاده إلى أوضاع كارثية في كافة المجالات".

وشدد الخبير السياسي الألماني على أن إطالة أمد الحرب في غزة سيؤدي إلى زيادة الاحتقان الحضاري القائم بين الإسلام والغرب وتعميق الاستقطاب بين الأنظمة والشعوب في الدول العربية وانتشار التشدد والتطرف هناك على أوسع نطاق.

وأشار إلى أن تغطية قناة الجزيرة المكثفة لأحداث غزة كرست إحساس العرب في كل مكان بأن ما تقترفه إسرائيل ضد الفلسطينيين بغزة يمثل إهانة لهم.
ورأى شتاين باخ أن القيم التي يروج لها الغرب كحقوق الإنسان والديمقراطية والحرية سقطت وفقدت مصداقيتها وتحولت لكلمات جوفاء بفعل ما يجري الآن في غزة.

الألمان وإسرائيل

وأعتبر أودو شتاين باخ أن تحميل المستشارة أنجيلا ميركل حركة حماس وحدها مسؤولية ما يجري في غزة أعطى إسرائيل رخصة ألمانية مفتوحة لتفعل ما تريد.

ورأى أن الحكومة الألمانية الحالية ترفض الاعتراف بارتكابها خطأ جسيما بعدم اعترافها بحكومة حماس التي انتخبها الفلسطينيون ديمقراطيا عام 2006.

وذكر أن السياسة الخارجية الألمانية لا تريد رؤية الحقيقة والواقع وتتعامل مع القضية الفلسطينية بمنظور الماضي وبلغة لا تعبر عن مواقف المواطنين الألمانيين الحقيقية من هذه القضية.

وأضاف "إذا لم تتوقف السياسة الألمانية عن التعامل مع كل انتقاد لإسرائيل كموقف معاد للسامية فسوف تتحمل هي وزر تحول هذه الانتقادات إلى عداء فعلي للسامية".

وأكد الأكاديمي الألماني البارز أن صورة إسرائيل في الرأي العام الألماني ساءت إلى أبعد الحدود مقارنة بما كانت عليه قبل عشرين أو ثلاثين عاما. وأوضح أن مشاعر المواطنين الألمانيين تحولت في عشر السنوات الأخيرة إلى تعاطف كبير مع الفلسطينيين.

وأضاف "لمست هذا التعاطف في كل محاضراتي للأكاديميين والعامة، وما يشاهده الألمانيون من صور حقيقية لما يجري في فلسطين تجعل الهوة بينهم وبين إسرائيل تزداد اتساعا".



مواضيع ذات صلة



0 التعاليق: