مارتن فليتشر: ما أحدثه الإحتلال لغزة بأهوال يوم القيامة!



بدا قطاع غزة بعد أكثر من ثلاثة اسابيع من العدوان الإسرائيلي الهمجي كما لوكان تعرض لزلزال مدمر أحرق الأخضر واليابس ولم يترك شجرا أو حجرا إلا ودمره، حتى المستشفيات والقبور ومقرات الأونروا، بعد المساجد والمدارس والمنازل الآمنة لم تسلم من آلة الحرب الإسرائيلية المجنونة.

وانهكت آليات جيش الاحتلال الاسرائيلي البنية التحتية للعديد من المناطق في قطاع غزة ، مجرفة الطرق المعبدة وأعمدة الكهرباء، حارقة المركبات والشاحنات المتواجدة في الشوارع، إضافة إلى قصف كل شقة سكنية، حتى لو كان صبي يختلس النظر من إحدى نوافذها.

واعتبر الكثير من المحللين العسكريين ان استهداف الأشجار والمباني والمدنيين في مدينة غزة يدل على جنون آلة الحرب الإسرائيلية، التي أصبح قادتها يعلمون أنها تفشل في إنهاء المقاومة الفلسطينية الصامدة في القطاع.

ودفع الدمار الذي أحدثه الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة ، مراسل صحيفة "التايمز" البريطانية إلى وصفه بأنه أشبه بأهوال يوم القيامة.

وقال مارتن فليتشر -أول صحفي بريطاني يسمح له بدخول قطاع غزة :" خلال هذه الجولة لم ارَ حتى ولو فلسطينياً واحداً، وشاهدت المباني الفلسطينية مدمرة وخالية تماماً من السكان، حتى المزارع والمشاغل مخربة، فيما دُمرت الحقول المزروعة بالخضار بجنازير الدبابات والجرافات الثقيلة. أما شاطئ البحر الرملي، فكان خالياً تماماً سوى من شجرة نخيل واحدة وكشك صغير مهجور".

وأضاف :" لا عجب من أنه لا أحد في ذلك المكان، فبعد ثلاثة اسابيع على الحرب كانت أصوات القصف والانفجارات لا تزال تسمع عن بعد والرشاشات الأتوماتيكية تزأر، فيما على مقربة من الموقع كانت الجرافات الإسرائيلية العملاقة، المحمية بمشبكات حديدية لحماية سائقيها من القنابل اليدوية الفلسطينية، ما زالت مع أعداد كبيرة من الدبابات تمر متجهة إلى غزة. وأمكن عن بعد مشاهدة أعمدة الدخان الكثيف الذي يحجب ضوء الشمس المتصاعد من المواقع التي تم قصفها".

أضاف : "رغم كل هذا الدمار فأن الجنود والضباط الإسرائيليين الذين رافقوا الوفد الصحفي بدوا مرتاحين للمشهد وغير آبهين بالاستنكار العالمي لعملية الرصاص المسكوب، ولا يدعونه ليؤرقهم

حرب أخلاقية

ونقل فليتشر عن حاخام عسكري رافق الوفد الصحافي يدعى آفي روزنيك، قوله: "إنها حرب مبررة أخلاقياً في شكل كبير. فجيشنا يُثبت أنه من أجل القضاء على الإرهاب ينبغي استخدام قدر كبير من القوة، مثلما فعل الأميركيون في العراق وأفغانستان".

وأضاف الحاخام إن الجنود "لا يريدون التوقف، إنهم يرغبون بتدمير حماس. فحتى لو ترك عدد قليل منهم فهم سينهضون مجدداً، لذلك ينبغي قتلهم جميعاً".

شهادات من قلب غزة

تقول أم محمد غراب ربة منزل: إن جيش الاحتلال يقوم بإحراق مدينة غزة وما فيها، المنازل والجامعات وكذلك الأشجار لم تسلم من آلة الحرب الإسرائيلية، مشيرة إلى أن الطيران الحربي قصف مستشفى القدس التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في منطقة تل الهوا وشوهدت أعمدة النار تتصاعد من المكان دون أن تتحرك إنسانيتهم.

وأبدت استغرابها مما يقوم به الجيش الإسرائيلي، مؤكدة أن مستشفى القدس لا يشغله إلا المصابون من نيران الجيش الإسرائيلي، وأنه لا يحتوي على المدافع أو الصواريخ، متسائلة إن كان هذا الجيش ينوي ملاحقة المدنيين حتى في غرف علاجهم وإبادتهم، ضمن سياسة إبادة جماعية فقط.

ويقول شادي بشير والذي يقطن بالقرب من مستشفى القدس: أن القصف الذي تضمن قذائف فسفورية أوقع حريقا هائلا في الطوابق السبعة التي تضم مكاتب إدارة المستشفى ومسرحا وفندقا صغيرا وكافتيريا تابعة لها، مؤكدا أن الاستهداف الإسرائيلي لم يميز بين مشفى ولا فندق ولا مسجد، وأحرق كل شيء يتحرك.

وقال محمد عليان : إنه بعد عشرين يوما من العدوان والمجزرة الإسرائيلية لا يزال الجيش الإسرائيلي يحرق كل ما هو جميل في المدينة دون سبب، مشيراً إلى أن غالبية الجرحى والشهداء من المدنيين والأطفال والنساء ولم تسلم من جنونهم الجامعات أو المساجد أو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" التي تساعد المواطنين النازحين.

وأوضح وسام رباح: أن ما تقوم به إسرائيل عملية حرق منظم لقطاع غزة وتهجير لمواطنيه، وتدمير كل ما هو جميل فيه، الذي بني بسواعد الفقراء، كي تكون غزة مدينة جميلة سعيدة تنعم بالأمن مثل باقي مدن العالم.

وطالب رباح القادة العرب بعقد القمة العربية في غزة المحترقة، وأن يدخلوا إلى غزة مثلما فعل أعضاء البرلمان الأوروبي الذين دخلوها خلال العدوان، وكذلك رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ليروا ما أصاب غزة من دمار وتهجير وقتل للمدنيين.

حملة مخططة

ويتضح من التقرير الذي أعدّه فليتشر أن الجولة التي سُمح للصحافيين الأجانب بها أعدت بعناية فائقة من جانب الإسرائيليين لخدمة الحملة الإعلامية التي تشنها إسرائيل للدفاع عن نفسها في مواجهة حملة الاستنكار الشديدة للجرائم التي ارتكبها الإسرائيلون في القطاع.

وقدّم الضباط الإسرائيليون للصحفيين مجموعة من الصور لبعض الأسلحة والمتفجرات الفلسطينية لدعم أقوالهم.

وقال فليتشر ان الضباط الإسرائيليين الذين رافقوا الصحافيين الأجانب رووا لهم قصصاً كثيرة الهدف منها إدانة تصرفات الفلسطينيين، لكن فليتشر أكد أنه "لا يتوافر أي دليل على الادعاءات الإسرائيلية".

وكانت اسرائيل ونتيجة لضغوط دولية شديدة، سمحت لعدد محدود جداً من ممثلي وسائل الإعلام العالمية بالدخول إلى مسافة قصيرة جداً داخل قطاع غزة للمرة الاولى منذ نشوب الحرب في 27 ديسمبر الماضي.

وأضاف :" لم يسمح الاحتلال للمجموعة بالتوغل في قطاع غزة، حيث وصل الوفد الصحفي فقط إلى حدود بلدة العطاطرة شمال شرقي غزة، وهي المنطقة التي وصفها الاحتلال بأنها مركز إطلاق الصواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية.

مواضيع ذات صلة



0 التعاليق: