أثارت قناة العربية، أمس، باستقبالها وزيرة الخارجية الصهيونية استفزازا لدى الشارع العربي، عبّرت عنه صحيفتي "الأخبار"، وزميلتها السفير، اللتان تصدران من لبنان. إذ كتبت رنا حايك في "الأخبار" بنبرة فيه الكثير من السخرية أنه قد «نوّرت» وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني شاشة «العربية». هكذا، أطلّت على «أصدقائها» العرب لتتحدّث «بصراحة» مع مضيفها إيلي ناكوزي عن استهتار حكومتها بالقرارات الدولية.
وحين طلب ناكوزي منها تفسير «عدم التزام إسرائيل بقرارات مجلس الأمن رغم مقاطعتها للدول التي لا تحترم هذه القرارات مثل إيران اليوم وعراق صدام سابقاً»، جاءت إجابتها لتحوِّر اسم البرنامج من «بصراحة» إلى «بوقاحة».
إذ ردّت بأنّ «المجتمع الدولي أخطأ حين وضع دولة إسرائيل في الكفّة ذاتها مع منظّمة «حماس» الإرهابية. لذلك، ليس القرار ملزماً». إسرائيل إذاً ـــــ حمامة السلام في الشرق الأوسط ـــــ تعمل على «حماية ذاتها وجيرانها من خطر الإرهاب، ولن تتوقف قبل أن تقرّر هي أنّه اجتُزَّ نهائياً، وليس لمجلس الأمن أن يقرّر عنها».
وقال غاصب المختار في مقالته، التي حملت عنوان " العربية: حيادية مع ليفني" بأن ما يثير الاستغراب والألم أن قناة العربية استضافت أمس الأول، وزيرة خارجية العدو تسيبي ليفني في برنامج إيلي ناكوزي، ضمن مقابلة لا يمكن لأي قناة إسرائيلية أن تجريها بمثل هذه »الحيادية والموضوعية« المهنية، لدرجة أن ليفني قالت لناكوزي إن الصحافيين الإسرائيليين يطرحون عليها الأسئلة ذاتها التي طرحها.
واتفق كاتبا النقد أن أيلي ناكوزي،الذي لم يناقش ليفني في أي من وجهات نظرها، بدّل عباءته خلال اللقاء ليصبح متلقّياً لا محاوراً. بل أكثر من ذلك، راح يبرّئ ساحته من أي ارتباط بـ«إرهابيّي حماس» بدل رد تهمة الإرهاب هذه عبر استخدام مصطلحات مثل حكومة شرعية أو مقاومة... ولو على سبيل الالتزام ببعض معايير الحوار المهنية التي تقتضي طرح وجهة نظر مخالفة لوجهة نظر الضيف. هذا الضيف الذي يطرح استقباله على شاشاتنا العربيّة ـــــ بحجّة الموضوعيّة ـــــ أسئلة استفهام كثيرة تبدأ من الترويج للدعاية الإسرائيلية في تبرير الحرب على القطاع وإظهار إسرائيل بمظهر الضحيّة ولا تنتهي بتعبيد الطريق الإعلامي والشعبي نحو التطبيع. بينما قال مختار أن أسلوب ناكوزي أعطى لليفني مجالاً واسعاً للتحدث براحة مطلقة وعدم حرج، عما يرتكبه جيش العدو من مجازر، بحجة الدفاع عن "شعب إسرائيل" وأمنها، كما أرسلت عبره تحذيراً واضحاً وشديداً إلى لبنان عبر القول إن تجربة تموز لا تزال ماثلة، إذا ما حصل »اعتداء« من جانب »حزب الله« على إسرائيل، من دون أن تنسى إطلاق تهمة الإرهاب على الحزب ومساواته بـ»حماس« و»حركة الجهاد« في هذا المجال.
والجدير بالذكر أنه قبل انتهاء المقابلة بوقت قليل، اجتاحت المذيع موجةٌ من العواطف الإنسانية ترجمها من خلال استجداء عطف مُجرم يستضيفه: «سيدة ليفني، لو أنّ السياسة تحتمل بعض البساطة، لكنتُ قد طلبت منك في نهاية الحلقة أن توقفوا هذه الحرب». جملة وثّقت الكاميرا ردة فعل ليفني عليها. إذ التقطتها وهي تبتسم ابتسامةً محمّلة سخرية واستهزاء.
ويقول مختار أن الغريب أصلاً، هو منطق »الحيادية« نفسه في معركة إلغاء كاملة كالتي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني. بات من غير المقبول تبرير المجازر وأسباب العدوان على لسان مسؤولين إسرائيليين، بينما تجلس ليفني مرتاحة وتضحك لناكوزي وتشكره على استمتاعها بالمقابلة، وتضفي على المحطة التي يمثلها كل أوصاف الموضوعية والمهنية الإعلامية. وختم أنه لا عجب ربما في موقف ناكوزي، خصوصاً إذا صحت المعلومات التي نسمعها عن أنه بات مستشاراً سياسياً لقائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال بيترايوس!. بينما ختمت حايك بالقول إن "قناة «العربية» التي توصّلت إلى نزع كل ما هو عربي عن خطابها، فشلت في السيطرة على الصورة، لتبدو الكاميرا العنصر الوحيد في ذلك اللقاء الذي أوفى الدم الفلسطيني أول من أمس بعضاً من حقّه.
0 التعاليق:
إرسال تعليق